الإعجاز في خلق الإبل والتداوي من حليبها

الإعجاز في خلق الإبل

قرأنا الآية وبهرنا بها لحلاوة التشبيه ولهذا إعجاز في خلق الابل، ومن يدرس التاريخ العربي يعرف قيمة هذا الجمل وقدرته على تحمل العطش والصبر على وعورة وحرارة وبرودة الأجواء، ومع هذا لا تشاهد «جملا» يتنفس من فمه او يلهث مهما اشتدت الحرارة أو البرودة ولا يفرز إلا مقدارا بسيطا من العرق عند الضرورة ويتكيف مع المعيشة في ظروف الصحراء وضبط حرارته بحيث تتفاوت 7 درجات كاملة دون ضرر، أي ما بين 34 و41 درجة مئوية.

وكلنا قرأنا قصة سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه كيف عبر الصحراء بجيشه مستخدما الابل وجعلها «خزانات مياه» للحاجة، وكلنا يعلم ايضا ان الجمل له القدرة على تحمل درجات الحرارة ولا يعطش ولعل سنامه يعطيه احتياجه من المياه والغذاء وهذا اعجاز من خلق الله.

لهذا نجد ان الجمل الذي يتم استهلاكه دون طعام وعطش (يذوي) سنامه ويضعف حتى يصبح خاويا متدليا جلده اذا طال أمد عطشه وجوعه.

الابل حيوانات عظيمة تحتاج من مربيها الى العناية بها لأنها آية من آيات الله الكبرى في الخلق الإلهي.

أسرار عالم البعارين

كلنا سمعنا مسميات المجاهيم والمغاتير والبيض والصفر والشعل والهجن والحرة والسودانية وهي كلها مسميات مختلفة للابل خاصة في منطقة الخليج العربي وتستخدم كثير منها في السباقات المختلفة مثل جمال الابل أو السباق للأسرع من الابل.

ونحن صغار كنا نشاهد فيلم عنتر وعبلة وكسر خاطرنا العم عنتر عندما طلب منه عمه والد عبلة ألف ناقة حمراء من صحراء الربع الخالي، وكيف ذهب وله قصة عجيبة حيث وقع في الأسر وفك أسره بشجاعته ونال النياق العصافير ورجع «فيلم هندي» وانتهت القصة بفك عنترة أسر حبيبته عبلة من الأسر والزواج بها قصة رومانسية لا تصلح لهذا الزمان.

لقدت اثبتت الدراسات الغذائية اليوم ان لحوم الابل الحمراء هي الأقل دهونا خاصة (الحوار ـ الحاشي) وهو يزين موائدنا في الافراح والانتخابات.

وفي ميراثنا الكويتي أسماء ومسميات لهذه الابل (البعارين) فنحن نسمي الذكر (الجمل) والأنثى (الناقة) والحوار المولود حتى يفصل من امه، وهناك القعود وهو الذكر الذي يمكن ركوبه، والقلوص وهي الانثى التي يمكن ركوبها، والفاطر وهي الانثى المسنة الكبيرة، والمفرود من انفرد عن امه في البحث عن غذائه، والرباع والربيعة ما بلغ 5 سنوات والثني والثنية هو ما بلغ 4 سنوات والحق والحقة وهو ما بلغ ثلاث سنوات، يتبقى الفحل الجمل العجوز والبازلة والبازل بعد دخول الى سن التاسعة يخرج الناب عبر ما يحدثه من بزل أي شق.

الإبل سلاح فتاك

ثبت في كل الدراسات الجديدة ان لبن الإبل يحمي الكبد من التليف وأنه دواء ناجع للسكري وشامبو للشعر ويفيد في الأمراض الجلدية من بهق وبرص وصدفية لانه قاتل للبكتيريا، وهو اليوم اشهر مضاد حيوي يحد من انتشار الامراض الفطرية، ويخلصك من امراض الاكزيما والحساسية والتسمم كما انه قاتل سريع للفيروسات والالتهابات والبقع والهالات السوداء وينصح اهل البادية به لأنه يجنبك (الجلطات والسكتات) وانه فاتح للشهية وكل ما له علاقة بالامراض الباطنية، لا بل يؤكدون لك أنه الحل الأمثل لمعالجة الجهاز الهضمي ومانع قوي لامراض القلب والطحال والكبد ومانع كاسح للكوليسترول، لهذا انظر الى «بدو الصحاري» تجدهم اقوياء أصلاب، خاصة رعاة الإبل مثل قبائل الطوارق والصوماليين وعرب الجزيرة العربية وكبار السن في قزوين وما جاورها من دول جبلية وسفوح لرعي الجمال، وعلى فكرة هم يخافون من الحسد فهم يسقونك من حليب ناقة واحدة حتى إذا إصابتها العين سلم القطيع كاملا لهذا قالوا: «العين تدخل الجمل القدر».

بول الناقة البكر

الأطباء الباحثون في هذا الموضوع لهم عشرات الإصدارات الدالة فعليا على تمكنهم من هزيمة الأمراض العضال الخطيرة عن طريق تعاطي ألبان ووزر الابل بصفة منتظمة وملتزمة، ومن يرجع إلى تاريخ العرب قديما يجد انهم استخدموا هذه «الخلطة العجيبة» في معالجة كثير من الأمراض السائدة حينذاك مثل أوجاع البطن وخاصة المتعلقة بالأمعاء واليرقان والربو وضيق التنفس والسكري وارتفاع الضغط والضعف الجنسي وتقوية القلب والعظام والمفاصل من خلال شرب كميات كبيرة من هذا الدواء الشامل الكاسح.

ويقال ان «بول الناقة البكر» يستخدم كمادة مطهرة للجروح وإطالة الشعر للصلعان وعلاج تساقطه وتقويته، وكثير من المرضى شربوا «دماء الابل» وبعضهم تم علاجه من الأمراض الخبيثة وبعض اطباء الاسنان في دول الخليج يعالجون اللثة ويقوون اسنان مرضاهم باعطائهم جرعات من حليب الإبل الطازج لانه يساعد كل خلايا الجسم على التجدد، وقيل مؤخرا انه في حكم المؤكد انه يعالج هرمون الانسولين لان لحوم الإبل فقيرة بالاحماض الامينية وهذا يعني انها تقلل من الاصابة بأمراض القلب والجلطات الدماغية والقلبية.. والله اعلم.

حليب الإبل أم البقر؟

لو سألت عن هذا السؤال: ما هو الأكثر فائدة ألبان الابل أم الابقار؟ فجاوب دون تردد لا بل الإبل لأنها تحتوي على كمية فائقة من فيتامين (ج) المقاوم للأمراض بما يعادل 3 أمثال مثيله من ألبان الابقار التي تصل نسبة «الكازين» إلى 70% من البروتين في ألبان الابل الذي يجعل من ألبان الابل سهلة الهضم والامتصاص مقارنة بغيرها من الالبان الأخرى، كما أن نسبة الدهون أخف، وايضا ألبان الابل ثبت بالفحص المخبري والتجارب انها تحتوي على مواد تقاوم السموم والبكتيريا وتفيد المولودين حديثا، وثبت اخيرا ان ألبان الابل تحتوي على كمية مياه أكثر من غيرها إذ تتراوح ما بين 84% و91%.

أهل الطب البديل ينصحون من أجل «نومة هنية وسعيدة» بتناول ملعقة «عسل طبيعي» وكوب لبن إبل.

وتفيد تقارير أوروبية حديثة بأن لبن الناقة يعتبر بديلا غذائيا ناجحا عن الفواكه والخضراوات الطازجة لاحتوائه على فيتامين (سي) المقاوم للأمراض لذلك حمى العرب في الصحراء أنفسهم من الأمراض بشرب ألبان الإبل بدلا من الفاكهة والخضراوات فأعطتهم فيتامينات ومعادن وبروتينا مما سهل هضمه وامتصاصه في جسم الإنسان خاصة فيتامين (1 بي و2).. صيدلية موجودة في ألبان الإبل!

الإبل آية

يا الله، جربت تذهب الى الصحراء وتشاهد قطعان الابل وتنظر اليها وهي تأكل اعشاب الارض؟

جميل منظر الابل وهي ترعى وتأكل من كل خشاش الارض وكلنا نعلم ان الادوية موجودة في وريقات وسيقان الاعشاب، ما يعني انها «صيدليات دائمة وليست مناوبة» وهذا يذكرني «بالجراد» ولماذا يحب الكويتي العتيچ امثالي أكله؟ لأنه باختصار يأكل كل عشبة وهذا يعني «الداء والدواء» معا ولهذا كان اهلنا الاولون، رحمهم الله، يأكلونه «تداويا وعلاجا» وهو بحق طيب المذاق وحلو لذيذ لمن جربه بعيدا عن «أدوية المحاربة»، لأنه الآن يصلنا «مخدرا ومسمما» وهو فيه ما أعني من القول الاخير بأن الاعشاب التي تأكلها الحيوانات والحشرات في جانب كبير منها ادوية لكثير من الامراض كما هي «ألبان ووزر الإبل» الذي نعرضه لكم اليوم.

ارجو وأنت تقرأ هذه الآية: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) سورة الغاشية الآية 17، قف طويلا وتمعن في الكلمات والمفردات والمعاني، لذا وقفت امام قول منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم: «ان في ابوال الابل وألبانها شفاء للذربة بطونهم» وقوله: «لا تسبوا الابل فإن فيها رقوء الدم ومهر الكريمة».

الامام الطبري ذهب بعيدا في فائدة ألبان ووزر الابل يقول: «في لبن اللقاح حرارة وملوحة وله خفة وينفع في البواسير والاستسقاء والدبيلة ويهيج شهوة الغذاء والجماع» ولربما هنا يكمن سر التكالب على لحوم الإبل أيضا.

لقد قرأت مرة ان الامام الرازي قال: لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج.. وهذا يعني ان «المزاج العربي المتعكر دائما ممكن يشفى لو طرحوا لحوم الإبل بأسعار زهيدة»! ولا ننسى ان لحوم الابل ايضا تنقض الوضوء وان اماكن تواجدها محاضن للجن والمردة والشياطين، وان مرابضها المكان المفضل للجن والعفاريت.

تشير الدراسات الحديثة الى ان حليب الإبل مقاوم للسموم والبكتيريا ومقاوم للأمراض لهذا جرب على مرضى الربو والسكري والدرن والكبد الوبائي وقروح الجهاز الهضمي والسرطان، فوجدوا فائدة كبيرة تحصلت من تعاطي المريض لألبان الابل ووزرها، لذا أوصت كثير من الدراسات بضرورة اعطاء الحوامل والمرضعات والمصابين بالانفلونزا والزكام هذا الحليب المخلوط بالوزر لانه وجد ايضا انه يعالج ويخفف الأمراض النفسية ومرض الاسقربوط وهو تورم اللثة او نزف الدم منها.

المقال كامل من جريدة الأنباء الكويتية